قال تعالى : " إذا زلزلت الأرض
زلزالها"
(زُلزِلت)
جاء الفعل ماضيا مبنيا للمجهول ، قال
مفسرون : إن الفاعل حُذِف للعلم به غير ملتفتين إلى أنها ظاهرة أسلوبية مطردة في
أحداث اليوم الآخر ، وقد شغلتهم الصنعة البلاغية عن الالتفات إلى ما في القرآن من
أفعال لا تحصى ، بنيت للمعلوم مسندة إلى الله تعالى مع العلم بالفعل يقينا فهو
سبحانه خلق السماوات والأرض ونزّل القرآن على عبده ، يهدي من يشاء ويضل من يشاء
والله يرزق من يشاء بغير حساب ...مما يؤنس إلى أن العلم بالفاعل ليس هو السر
البياني في بناء "زلزلت" للمجهول ، وإنما هي كما قلنا آنفا ظاهرة
أسلوبية تطّرد في مثل هذا الموقف ، تركيزا للاهتمام في الحدث ذاته .
في منهجنا لا يجوز أن نتأول الفاعل مع
وضوح العمد في البيان القرآني إلى صرف النظر عنه ، ولا أن نتعلق بما لم يشأ لنا
الكتاب المحكم أن نتعلق به ، وقد هدى تدبر هذه الظاهرة الأسلوبية ، إلى أن البناء
للمجهول تركيز للاهتمام بالحدث ، بصرف النظر عن محدثه ، وفي الإسناد المجازي أو
المطاوعة تقرير لوقوع الأحداث في طواعية تلقائية لا تحتاج إلى أمر أو فاعل .
المصدر : التفسير البياني للقرآن الكريم ، عائشة
عبدالرحمن (بنت الشاطئ) ج1 ، دار المعارف ،ص81
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق