قال تعالى : " والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى "
عدَّ الرازي في حذف الكاف ثلاثة وجوه :
ـ الاكتفاء بالكاف الأولى في ودعك
ـ أن اتفاق الفواصل أوجب حذف الكاف
ـ فائدة الإطلاق ، أي أنه ما قلاك ولا أحدا من أصحابك ولا أحدا ممن أحبك إلى يوم القيامة .
وفي الإطلاق على ما بينه الرازي توسعٌ لا يعطيه صريح السياق للمصطفى (صلى الله عليه وسلم ) بعد فتور الوحي.
وأما تعليل الحذف برعاية الفاصلة ، فليس من المقبول عندنا أن يقوم البيان القرآني على اعتبار لفظي محض ، وإنما الحذف لمقتضى معنوي بلاغي ، يقويه الأداء اللفظي ، دون أن يكون الملحظ الشكلي هو الأصل ، ولو كان البيان القرآني يتعلق بمثل هذا لما عدل عن رعاية الفاصلة في آخر سورة الضحى:"وأما بنعمة ربك فحدث"
وليس في السورة كلها "ثاء" فاصلة ، بل ليس فيها حرف الثاء على الإطلاق ، ولم يقل تعالى :"فخبِّر" لتتفق الفواصل على مذهب أصحاب الصنعة ومن يتعلقون به.
ويبقى القول بأن الحذف لدلالة ما قبله على المحذوف ، وتقتضيه حساسية معنوية مرهفة بالغة الدقة في اللطف والإيناس ، تحاشى خطابه تعالى لحبيبه المصطفى في مقام الإيناس أن يقول :"ما قلاك"
لما في القلى من الطرد والإبعاد وشدة البغض ، أما التوديع فلا شيء فيه من ذلك بل لعل الحس اللغوي فيه يؤذن بالفراق على الكره مع رجاء العودة واللقاء.
المصدر : التفسير البياني للقرآن الكريم ، عائشة
عبدالرحمن (بنت الشاطئ) ج1 ، دار المعارف ، ص 34
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق