ثلاثية غرناطة رضوى عاشور
عدد الصفحات 504
تتبعتْ بخيوطِ تفصيلٍ أدبيٍّ آخرَ ثلاثة أجيالٍ عايشوا سقوط غرناطة ، ابتداءً بأبي جعفر ، وحفيده مع أخته سليمة ، وصاحبيه نعيم وسعد ، فأخذت من حياةِ هؤلاء نموذجا لعائلة لم تشارك سياسيا في دفع البلاء ، ولكن ترقبت برجاءٍ معَ الأغلبية زوال الغمةِ بيدِ رؤساء الأمة ، والتي باءت كلها بالفشل ، فالجدُّ أبو جعفر مات غمًا بعدما شهد محرقة باب الرملةِ لنفائس الكتبِ ، وسليمة ماتت في نفس الساحةِ حرقًا بأمر من ديوان التحقيق ، وبتهمةِ السحرِ ، مخلفة من ورائها "عائشة" من زوجها سعد ، الذي لحقها سريعا كمدًا ، وطردَ حسن ابنه "هشاما" ؛ لالتحاقهِ بقطاع الطرق، فكان يحاولُ كسبَ رضا والده بزياراتٍ عابرةٍ في فتراتٍ متباعدة ، فلا ينالُ منهُ إلا مزيدًا من السخط، فيضعُ درةَ المال في يدِّ ابنهِ "علي" من زوجته - ابنة عمته- "عائشة" والتي ماتت وتكفلت مريمة وحسن بتربية حفيدهما "علي" ، ويعود "نعيم " من ظلمات القهر فقد خسر زوجته وأطفاله في الأرض الجديدة ، ويعاصر آخر دقائق "حسن" في الدنيا ، ويموت بعده في ساحة الدار باكيا كئيبا .
ويبقى "علي" و جدته "مريمة" ، ليشهدا ويعاصرا مصيبة قرار الترحيل الإجباري من غرناطة ، وتموت "مريمة" في الطريق بين ذراعي حفيدها ، وهي اللحظة التي أجهشتُ بالبكاء مع "علي" فتصوير الكاتبة كان دقيقا ومؤلما .
ولا يبقى إلا "علي" الذي هرب من قافلة الترحيل ، وقتل القشتالي ، وعاد إلى غرناطة ؛ واكتشف خيانة صاحبه ونهبه لأمواله ، فغادرها إلى الجعفرية ، وأقام فيها ما يقارب ربع قرن لم يتزوج ، وجاء قرار الترحيل لأهل الجعفرية .
وصلَ "علي" مع الجموع إلى الشواطئ ، ولكنه وهو مقبلٌ إلى البحر ، حيث آخر فصول العربيِّ في الأندلس ، ألقى عصاه وعاد مهرولا إلى غرناطة محتضنا وهو المحتضر بقايا ذكريات ، وزوايا أعمدة .
"علي" آخر صفحات الوجود العربي هناك، رسمته الكاتبة بملامح الفناء ، فهو الشيخُ الكبير ولا خليفة له ، ليكمل خط البقاء هناك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق