مدونة

أبجديات اللغة

آخر الأخبار

Post Top Ad

Your Ad Spot

الاثنين، 14 مارس 2016

في ظلمات البحر



في ظُلُمات البحر


يُرْوى أنَّ سلطان صقلية أرِق ذات ليلة ومُنِع النوم ، فأرسل إلى قائد البحر ، وقال له :

"أنفذْ الآن مركبا إلى أفريقية ، يأتوني بأخبارها "

فعَمِد القائد إلى مقدم المركب ، وأرسله ، فلمَّا أصبحوا إذا بالمركب في موضعهِ كأنهُ لم يبرح ، فقال الملك لقائد البحر :

"أليسَ قد فعلتَ ما أمرتُ ؟! "

فقال :
"نعمْ ، قدْ امتثلتُ أمرك ، وأنفذتُ مركبًا فرجع بعد ساعة ، وسيحدثُك مقدم المركب "
فأمر بإحضاره ، فجاء ومعهُ رجل ، فقال له الملك :

" ما منعك أن تذهب حيثُ أمرتكَ ؟! "

قال : " ذهبتُ بالمركبِ فبينما أنا في جوفِ الليل ، والرجال يجدفون إذا بصوتٍ يقول [ يا ألله ، يا غيَّاثَ المستغيثين ]يكررها مرارا ، فلما استقرَّ صوته في أسماعنا ناديناه : 

لبيكَ ، لبيكَ 

وهو ينادي [ يا ألله ، يا غيَّاثَ المستغيثين ]
فجدفنا بالمركب نحو الصوت ، فلقينا هذا الرجل غريقا في آخر رمقٍ من الحياة ، فطلعنا به المركب ، وسألناه عن حاله ، فقال : 

" كنا مقلعين من أفريقية ، فغرقت سفينتنا منذ أيام وأشرفتُ على الموت ، ومازلتُ أصيح حتى أتاني الغوث "

فسبحانَ من أسهر سلطانًا وأرَّقهُ في قصره ، لغريق في البحر ، حتى استخرجه ، من تلك الظُلُمات الثلاث : 
ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة الوحدة
لا إله غيره ولا معبود سواه .




كتاب المستطرف في كل فن مستظرف ، للأبشيهي ، ص ٥٣٢   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

الاكثر إهتماما